جلست هيام في شرفتها المطلة على الشارع تحتسي قهوتها السمراء...بعد أن تعودت على مرارتها العقيمة...تقلب صفحات الجريدة مسافرة بين الكلمات مبحرة في أخبارها...جلست تتأمل قعر الفنجان تحاول تحليل رموز البن العالق
أبحرت بعينيها في الشوارع و البيوت لترسي بنظرها على بيت خالتها القريب....تحدق بالنافذة الموجودة بغرفة عمر ابن خالتها الذي دائما تتشاجر معه...دائما يضايقها بكلماته الساخرة و تعاليقه الصارخة و أحيانا كان يتمادى في جرحها....كانت تحفظ عاداته ... عندما يستيقظ من نومه يستحم و يبدل ملابسه ثم يفتح النافذة...اليوم لم تفتح كالعادة ...*ما الخطب ياعمر ما بك اليوم.؟..هل سافر؟ أما زال نائما؟لا أظن لأنه سيتأخر عن عمله.*..صمتت قليلا أزاحت الكرسي و اتكأت على صور الشرفة تبحث عن سيارته...أنها موجودة في مكانها...بدأت الشكوك تساورها ...اتصلت ببيت خالتها...ردت عليها ابنة خالتها و صوتها المختنق يكاد أن يختفي من ضعفه كل ما فهمته من كلماتها أن عمر مات...أقفلت الهاتف بهدوء ...خرجت من منزلها متجهة نحو بيت خالتها ببرود شديد...فتحت لها ابنة خالتها الباب و ارتمت في حضنها تبكي بحرقة و تقول لقد مات أخي...نظرت لها هيام و سألتها *كيف مات..؟*.أجابتها انه اختنق و السبب هو قنينة الغاز اللعينة...دخلت هيام إلى غرفته وجدته في فراشه ممددا مغطى بغطاء ابيض...عرت وجهه و بدأت تنظر إليه...*انه لا يتحرك حتى شبابه لم يشفع له *غطت وجهه ثم رحلت لم تنبس بحرف و احد ووجهها لم تتغير ملامحه جامد لا يتحرك..تتمشى كورقة شجرة شابة في فصل الربيع ورقة اقتاتت منها الديدان..
.مر يوم و هي على هذه الحال...مدفونة في غرفتها لم تبلل دمعة واحدة خدها ,,, لم تمتص بعد بشرتها ملوحة الحزن...ذهبت أمها لبيت أختها تواسيها في موت ابنها...
احدهم يطرق الباب و لا احد يفتح هيام الوحيدة الموجودة في البيت لم تحضر جنازة عمر...الجميع يعلم أنهم لا يطيقون بعض لكن ليس لهذه الدرجة...لدرجة الكره...فتحت هيام باب المنزل فوجدت أخت عمر أمامها مدت لها دفترا...سألتها هيام* ما هذا؟*
• إنها....... مذكرات عمر*
• * و ما خصني بها أنا؟*
تركتها على الطاولة و استدارت نحو الباب ثم قالت لهيام و عيونها تسبح في دموعها المالحة *لقد كان يحبك*
رحلت و أقفلت هيام و راءها الباب.
دخلت إلى غرفتها و أقفلت الباب أشعلت عود الثقاب و أحرقت صور عمر و حاولت أن تحرق مذكراته لكنها لم تحرق لسمكها...مزقت أوراقها و نشرتها أمامها أضرمت النار فيها...و هي دائما جالسة لاتتحرك تنظرالى النار كأنها لا تراها ...
الجيران يركضون ...يرمون بالمياه على النيران التي كادت تلتهم أثاث الغرفة...بعد أن اخمدوا النيران وجدوها ممددة على الأرض ...حاولوا إيقاظها لكنهم لم يستطيعوا...لأنها كانت ببساطة ميتة ...لقد كانت تحب عمر من دون أن تعلم...